بهذا الدعاء هو إسماعيل، ثم إن الله تعالى ذكر عقيبه قصة الذبيح فوجب أن يكون الذبيح هو إسماعيل.
الحجة السادسة: الأخبار الكثيرة في تعليق قرن الكبش بالكعبة، فكان الذبيح بمكة، ولو كان الذبيح إسحق كان الذبح بالشام " (١).
وقال الألوسي: " والذي أميل أنا إليه أنه إسماعيل عليه السلام بناءً على أن ظاهر الآية يقتضيه، وأنه المروى عن كثير من أئمة أهل البيت، ولم أتيقن صحة حديث مرفوع يقتضي خلاف ذلك، وحال أهل الكتاب لا يخفى على ذوي الألباب." (٢)
وقال ابن عاشور معللاً ترجيحه لهذا القول بالرغم مما جاء في سفر التكوين بقوله: "
فإن قلت: فعلامَ جنحتَ إليه، واستَدللت عليه من اختيارك أن يكون لابتلاء بذبح إسماعيل دون إسحاق، فكيف تتأول ما وقع في «سفر التكوين»؟
قلت: أرى أن ما في «سفر التكوين» نُقِل مشتّتاً غير مرتبة فيه أزمان الحوادث بضبط يعين الزمن بين الذبح وبين أخبار إبراهيم، فلما نقَل النقلةُ التوراة بعد ذهاب أصلها عقب أسر بني إسرائيل في بلاد أشور زمن بختنصر، سجلت قضية الذبيح في جملة أحوال إبراهيم عليه السلام، وأدمج فيها ما اعتقده بنو إسرائيل في غربتهم من ظنهم الذبيح إسحاق. ويدل لذلك قول الإِصحاح الثاني والعشرين «وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال خذ ابنك وحيدك» الخ؛ فهل المراد من قولها: بعد هذه الأمور، بعد جميع الأمور
_________
(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٩، ص ٣٤٧.
(٢) روح المعاني / الألوسي، ج ١٢، ص ١٣٠.


الصفحة التالية
Icon