﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ (١)، ثم إن اللَّه أماتهم بعد أخذ الميثاق عليهم، ثم أحياهم حين أخرجهم، ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث فتكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٢).
الثالث: إنه خلقهم أمواتاً في أصلاب آبائهم، ثم أحياهم بإخراجهم، ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث، فهما ميتتان إحداهما في أصلاب الرجال، والثانية في الدنيا، وحياتان: إحداهما في الدنيا والثانية في الآخرة، قاله ابن مسعود وابن عباس وقتادة والضحاك (٣).
وهذا القول الثالث هو الذي اختاره ابن عاشور في تفسيره مستدلاً على ذلك بما جاء في القرآن.
وهذا قوله: " والمراد بإحدى الموتتين: الحالةُ التي يكون بها الجنين لَحْماً لا حياة فيه في أول تكوينه قبل أن يُنفخ فيه الروح، وإطلاق الموت على تلك الحالة مجاز وهو مختار الزمخشري والسكاكي، بناء على أن حقيقة الموت انعدام الحياة من الحي بعد أن اتصف بالحياة، فإطلاقه على حالة انعدام الحياة قبلَ حصولها فيه
_________
(١) سورة الأعراف، الآية (١٧٢).
(٢) أخرج روايته الطبري في تفسيره، ج ١، ص ٢١٦، وذلك في معرض تفسيره لقوله تعالى: "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ " من سورة البقرة، الآية (٢٩).
(٣) أخرج رواياتهم الطبري في تفسيره، ج ١، ص ٢١٥.


الصفحة التالية
Icon