انقضاء الأجل وأخرى بعد المساءلة في القبر:
حجتهم قوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ (١) وقالوا أن قوله ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾: خطاب لأهل القبور بعد إحياءهم في قبورهم، وقالوا: إن لفظ الميت لا ينطلق في العرف على النطفة.
وردوا على الذين قالوا أن الموتة الأولى إشارة إلى الحالة الحاصلة عند كون الإنسان نطفة وعلقة، والموتة الثانية إشارة إلى ما حصل في الدنيا، كما قالوا: لو كان الثواب والعقاب للروح دون الجسد فما معنى الإحياء والإماتة (٢).
وأصحاب هذا القول يقولون: إن الإماتة لا تصدق إلا على خروج الروح من الجسد (٣).
قال الرازي: "احتج أكثر العلماء بهذه الآية في إثبات عذاب القبر، وتقرير الدليل أنهم أثبتوا لأنفسهم موتتين حيث قالوا: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ﴾ فأحد الموتتين مشاهد في الدنيا فلا بد من إثبات حياة أخرى في القبر حتى يصير الموت
_________
(١) سورة البقرة، الآية (٢٨).
(٢) انظر أقوالهم في تفسير القرطبي، ج ١٥، ص ٢٨٥.
(٣) انظر جامع البيان / الطبري، ج ١، ص ٢١٦، حيث ذكر الطبري الخلاف الوارد في معنى الإحياء والإماتة عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ من الآية (٢٨) من سورة البقرة، مما أغنى عن إعادته في هذا الموضع من سورة غافر..


الصفحة التالية
Icon