صحته أن الصغر والكبر جائزان معاً على المصنوع الواحد، من غير ترجح لأحدهما، وكذلك الضيق والسعة. فإذا اختار الصانع أحد الجائزين وهو متمكن منهما على السواء فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر، فجعل صرفه عنه كنقله منه، ومن جعل الإماتتين التي بعد حياة الدنيا والتي بعد حياة القبر لزمه إثبات ثلاث إحياءات، وهو خلاف ما في القرآن " (١).
وقال الشنقيطي في (أضواء البيان): " والأظهر عندي أن المسوغ الذي سوغ إطلاق اسم الموت على العلقة، والمضغة مثلاً، في بطون الأمهات، أن عين ذلك الشيء، الذي هو نفس العلقة والمضغة، له أطوار كما قال تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ (٢) ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ﴾ (٣)، ولما كان ذلك الشيء، تكون فيه الحياة في بعض تلك الأطوار، وفي بعضها لا حياة له، صح إطلاق الموت والحياة عليه من حيث إنه شيء واحد، ترتفع عنه الحياة تارة وتكون فيه أخرى " (٤).
القول الراجح:
ومما تقدم تبين لنا أن القول الثالث هو أصح الأقوال وأولاها بتفسير الآية، وهو الذي تقرره القاعدة، وعليه أكثر المفسرين، وهو الذي ذهب إليه ابن
_________
(١) الكشاف / الزمخشري، ج ٥، ص ٣٣٤.
(٢) سورة نوح، الآية (١٤).
(٣) سورة الزمر، الآية (٦).
(٤) أضواء البيان / الشنقيطي، ص ١٤٧١.


الصفحة التالية
Icon