ذي بدء مصاحبة الحُور العين معهم في تلك الفرش فيتشوف إلى وصفهن، فكانت جملة: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ (١) بياناً لأن الخاطر بمنزلة السؤال عن صفات الرفيقات
فضمير المؤنث من " أنشأناهن " عائد إلى غير مذكور في الكلام ولكنه ملحوظ في الأفهام كقول أبي تمام في طالع قصيدة:
هُنّ عوادي يوسفٍ وصواحبه... ومنه قوله تعالى: ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ (٢) وهذا أحسن وجه في تفسير الآية، فيكون لفظ " فرش " في الآية مستعملاً في معنييه ويكون " مرفوعة " مستعملاً في حقيقته ومجازه، أي في الرفع الحسي والرفع المعنوي ". (٣).
ورجّح الطبري وكذلك ابن كثير أن المراد بالفرش المرفوعة هي الفرش المعروفة والمرفوعة أي طويلة وعالية، وساقا حديث أبي سعيد الذي يصف ارتفاعها، وكذلك استظهر الرازي أبو حيان والشوكاني والألوسي هذا القول (٤).
_________
(١) سورة الواقعة، الآية (٣٥).
(٢) سورة ص، الآية (٣٢).
(٣) التحرير والتنوير، ج ١٣، ص ٣٠١.
(٤) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٢٧، ص ٢١٦، والتفسير الكبير / الرازي، ج ١٠، ص ٤٠٧، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨ ص ٢٠٦، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٣، ص ٣٧١، وفتح القدير / الشوكاني، ج ٥، ص ١٥٥، وروح المعاني / الألوسي، ج ١٤، ص ١٤١.