قلوبهم، إلا بعد فضِّه خَاتمَه وحلِّه رباطَه عنها " (١).
حجة القائلين بأن الختم مجازي، كناية عن إعراضهم وتكبرهم:
قال البيضاوي: " ولا تغشية على الحقيقة، وإنما المراد بهما أن يحدث في نفوسهم هيئة تمرنهم على استحباب الكفر والمعاصي واستقباح الإيمان والطاعات، بسبب غيهم وانهماكهم في التقليد وإعراضهم عن النظر الصحيح، فتجعل قلوبهم بحيث لا ينفذ فيها وأسماعهم تعاف استماعه، فتصير كأنها مستوثق منها بالختم وأبصارهم لا تجتلي الآيات المنصوبة لهم في الأنفس والآفاق كما تجتليها أعين المستبصرين، فتصير كأنها غطي عليها وحيل بينها وبين الإبصار، وسماه على الاستعارة ختما وتغشية أو مثل قلوبهم ومشاعرهم المؤوفة بها بأشياء ضرب حجاب بينها وبين الاستنفاع بها ختما وتغطية وقد عبر عن إحداث هذه الهيئة بالطبع في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ (٢) وبالإغفال في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ " (٣) (٤).
وقال القاسمي: إن المعتزلة سلكوا في هذه الآية مسلك التاويل، وذكروا في ذلك عدّة أقاويل " (٥):
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ١، ص ١٣٠.
(٢) سورة النحل، الآية (٨).
(٣) سورة الكهف، الآية (٢٨).
(٤) أنوار التنزيل وأسرار التأويل / البيضاوي، ج ١، ص ١٤٥.
(٥) انظر محاسن التأويل / القاسمي، ج ١، ص ٢٧٤.


الصفحة التالية
Icon