قال الطبري: " فالمرض الذي أخبرَ الله جل ثناؤه عنهم أنَّه زادهم على مرضهم، نظيرُ ما كان في قلوبهم من الشَّكِّ والحيْرة قبل الزيادة، فزادهم الله بما أحدث من حدوده وفرائضِه - التي لم يكن فرضَها قبلَ الزيادة التي زادها المنافقين - من الشك والحيرة، إذْ شكُّوا وارتَابوا في الذي أحدَث لهم من ذلك إلى المرض والشك الذي كان في قلوبهم في السَّالف، من حدوده وفرائضه التي كان فَرَضها قبل ذلك " (١).
وقال القرطبي: " والمرض عبارة مستعارة للفساد الذي في عقائدهم. وذلك إما أن يكون شكا ونفاقا، وإما جحدا وتكذيبا، والمعنى: قلوبهم مرضى لخلوها عن العصمة والتوفيق والرعاية والتأييد " (٢).
وذكر العلماء قرينة تدل على المجاز ومن ذلك قول أبي حيان: " وحمله على المجاز أولى لأن قلوبهم لو كان فيها مرض لكانت أجسامهم مريضة بمرضها، أو كان الحمام عاجلهم، قال: بعض المفسرين يشهد لهذا الحديث النبوي والقانون الطبي، أما الحديث، فقوله - ﷺ -: «إن في جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح الجسد جميعه، وإذا فسدت فسد الجسد جميعه، ألا وهي القلب» (٣).
وأما القانون الطبي فإن الحكماء وصفو القلب على ما اقتضاه علم التشريح،
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ١، ص ١٤١.
(٢) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١، ص ٢١٥.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من استبرأ لدينه، ج ١، ص ٢٨، ح-٥٢، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، ج ٣، ص ١٢١٩، ح- ١٥٩٩.