وصف فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره وهذا القول تتفق عليه الأمة ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين لأن كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا واختلف المورد فبهذا الجمع يحصل الاتفاق والجمع بين الآيات لأنه مهما أمكن الجمع كان أحسن من ادعاء النسخ الذي لم يدل عليه دليل صحيح " (١)
وقال الشنقيطي: " لا دليل على بطلان قول من قال إن الوصية للوالدين والأقربين منسوخة بحديث " لا وصية لوارث " والعلم عند الله تعالى" (٢).
٢ - مثال الإنفاق:
قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (٣).
اختلف المفسرون في هذه الآية، فذهب معظمهم إلى أنها منسوخة بآية الزكاة، وذهب آخرون إلى إنها محكمة (٤)، ورجّح ابن عاشور هذا القول الأخير بناءً على القاعدة الترجيحية فقال: " فليست هاته الآية بمنسوخة بآية الزكاة إذ لا تعارض بينهما حتى نحتاج للنسخ، وليس في لفظ هاته الآية ما يدل على
_________
(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / السعدي ج ١، ص ٨٥.
(٢) أضواء البيان / الشنقيطي، ج ٢، ص ٣٤٥.
(٣) سورة البقرة، الآية (٢١٥).
(٤) انظر زاد المسير / ابن الجوزي، ج ١، ص ١٨٠.


الصفحة التالية
Icon