بقوله: " هذا ضعيف؛ لأنه يحتمل حمل الآية على وجوه لا يتطرق النسخ إليها:
أحدها: قال أبو مسلم: الإنفاق على الوالدين واجب عند قصورهما عن الكسب والملك، وإذا حملنا الآية على هذا الوجه فقول من قال إنها منسوخة بآية المواريث لا وجه له، لأن هذه النفقة تلزم في حال الحياة، والميراث يصل بعد الموت، وأيضا فما يصل بعد الموت لا يوصف بأنه نفقة.
وثانيها: أن يكون المراد من أحب التقرب إلى الله تعالى في باب النفقة فالأولى له أن ينفقه في هذه الجهات، فيقدم الأولى فالأولى فيكون المراد به التطوع.
وثالثها: أن يكون المراد الوجوب فيما يتصل بالوالدين والأقربين من حيث الكفاية وفيما يتصل باليتامى والمساكين مما يكون زكاة.
ورابعها: يحتمل أن يريد بالإنفاق على الوالدين والأقربين ما يكون بعثاً على صلة الرحم وفيما يصرفه لليتامى والمساكين ما يخلص للصدقة، فظاهر الآية محتمل لكل هذه الوجوه من غير نسخ " (١).
وأما دعوى النسخ كما يقول السدي: أنها يوم نزلت هذه الآية لم تكن زكاة، وإنما هي النفقة ينفقها الرجل على أهله، والصدقة يتصدق بها، فنسختها الزكاة.
فالجواب عليه: أن يقال لأصحاب هذا القول هل الوالدان والأقربون من مستحقي الزكاة حتى تنسخ الزكاة الإنفاق عليهم، وهل كانت الصدقة على
_________
(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٢، ص ٣٨٣.


الصفحة التالية
Icon