لقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ لما علمت من أن مورد تلك هو تعيين أوقات المتاركة، وأوقات المحاربة، فلذلك لم يقل هؤلاء بحَظْر قتل الأسير في حين أن التخيير هنا وارد بين المنّ والفداء، ولم يذكر معهما القتل " (١).
واستند ابن عاشور في كون هذه الآية محكمة إلى القاعدة الترجيحية (الأصل عدم النسخ) فقال -: " وقوله (بعْدُ) أي بعد الإثخان، وهذا تقييد لإباحة المنّ والفداء. وذلك موكول إلى نظر أمير الجيش بحسب ما يراه من المصلحة في أحد الأمرين كما فعل النبي - ﷺ - بعد غزوة هوازن، وهذا هو ظاهر الآية والأصل عدم النسخ، وهذا رأي جمهور أئمة الفقه وأهل النظر " (٢).
واتفق ترجيح ابن عاشور على أن الآية محكمة مع جميع المفسرين الذين اعتمدتهم في هذا البحث (٣).
حجة القائلين بأن الآية منسوخة:
استدلوا بما روي عن عبد الكريم الجزري، قال: كُتب إلى أبي بكر - رضي الله عنه - في
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ٨٠ - ٨١.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ٨٠.
(٣) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٢٦، ص ٥١، والمحرر الوجيز/ ابن عطية، ج ٥، ص ١١٠، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١٦، ص ٢٢٠، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٧٤، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٣، ص ٥٩، وفتح القدير / الشوكاني، ج ٥، ص ٣٠، وروح المعاني / الألوسي، ج ١٣، ص ١٩٦، ومحاسن التأويل/ القاسمي، ج ٨، ص ٣٦٤، وأضواء البيان/ الشنقيطي، ص ١٥٨٣.


الصفحة التالية
Icon