ذلك على أن المقصود بالذين آمنوا في أول الآية المنافقون، بدلالة جعلهم مقترنين باليهود والنصارى والصابئين أي آمنوا في الظاهر.
واستبعده ابن عاشور وبين أنه غاية في البعد (١).
القول الراجح:
ومما تقدم تبين لنا أن القول الثاني هو القول الراجح، وهو الذي رجحه ابن عاشور، ووافق ما عليه أكثر المفسرين، وبنى ترجيحه هذا على قاعدة: النسخ لا يقع في الأخبار حيث قال: " وبهذا يعلم أن لا وجه لدعوى كون هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ إذ لا استقامة في دعوى نسخ الخبر إلا أن يقال: إن الله أخبر به عن مؤمني أهل الكتاب والصابئين الذين آمنوا بما جاءت به رسل الله دون تحريف ولا تبديل ولا عصيان وماتوا على ذلك قبل بعثة محمد ﷺ فيكون معنى الآية كمعنى قوله ﷺ فيما ذكر من يؤتى أجره مرتين " ورجل من أهل الكتاب آمن برسوله ثم أمن بي فله أجران " (٢).
قال القاسمي في تفسيره: "أي فليس مراد ابن عباس، ومن وافقه، أنه تعالى كان وعد من عمل صالحاً من اليهود، ومن ذكر معهم، على عمله، في الآخرة، الجنة، ثم نسخه بآية: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٣٩.
(٢) انظر التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٣٩.


الصفحة التالية
Icon