حجة القائلين بأن الآية منسوخة:
قالوا: إن الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾؛ لأن الآية الأولى تفيد أن الله يؤاخذ العباد حتى بالخطوات التي لا يملكون دفعها، والآية الثانية تفيد أنه تعالى لا يكلفهم بها لأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها وهذا رفع للحكم الأول (١).
كما استدلوا على ذلك بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " لما نزلت هذه الآية: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ قال دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء فقال النبي - ﷺ -: " قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ قال قد فعلت ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: قد فعلت ﴿وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا﴾ قال قد فعلت " (٢).
_________
(١) انظر الناسخ والمنسوخ / ابن حزم، ج ١، ص ٣٠، والناسخ والمنسوخ / قتادة، ج ١، ص ٣٧، وفتح المنان في نسخ القرآن / علي حسن العريض، ص ٢٨٦.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق، ج ١، ص ١١٦، ح- ١٢٦، وأحمد في مسنده، ج ١، ص ٢٣٣، ح- ٢٠٧٠.


الصفحة التالية
Icon