معذبون أو مؤخرون.
ومنهم من يرى أن المراد: لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة، وهذا قبل نزول: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ الآية. فلما نزل عليه ذلك عام الحديبية علم ما يفعل به في الآخرة.
وذهب آخرون إلى أن المراد: لا أدري ما أؤمر به ولا ما تؤمرون به، قاله الضحاك (١).
ورجّح ابن عاشور أن المراد بالآية أي ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا، واستنكر على ما أطال به بعض المفسرين من قولهم: إن الآية منسوخة، وذلك لأن الآية في معرض الأخبار، والخبر لا يدخله النسخ، ومن قوله: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ تتميم لقوله: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ وهو بمنزلة الاعتراض فإن المشركين كانوا يسألون النبي - ﷺ - عن مغيباتٍ استهزاءً فيقول أحدهم إذا ضلَّت ناقته: أين ناقتي؟ ويقول أحدهم: مَن أبي، أو نحو ذلك فأمر الله الرسول - ﷺ - أن يعلمهم بأنه لا يدري ما يفعل به ولا بهم، أي في الدنيا... إلى أن يقول: " فدع ما أطال به بعض المفسرين هنا من المراد بقوله: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ ومن كونها منسوخة أو محكمة
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ١٧، انظر هذه الأقوال في جامع البيان / الطبري، ج ٢٦، ص ١٢، والنكت والعيون/ الماوردي، ج ٥، ص ٢٧٣، والتفسير الكبير / الرازي، ج ١٠، ص ٩، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٤٩.


الصفحة التالية
Icon