القول الراجح:
هو القول الأول، وذلك بناءً على أن هذه الآية جاءت في معرض الخبر، والأخبار لا يدخلها النسخ، وهذا ما قرره ابن عاشور في تفسيره.
قال ابن كثير: " وهذا القول هو الذي عَوّل عليه ابن جرير، وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به صلوات الله وسلامه عليه، فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يؤول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا: أيؤمنون أم يكفرون، فيعذبون فيستأصلون بكفرهم " (١).
قال ابن الجوزي: "والقول بنسخها لا يصح لأنه إذا خفى عليه علم شيء ثم أعلم به لم يدخل ذلك في ناسخ ولا منسوخ " (٢).
ومما يعضد الترجيح بهذه القاعدة، قاعدة (القول الذي يدل عليه السياق أولى من غيره، ما لم توجد حجة يجب إعمالها) وقد أبان عنها النحاس في "معاني القرآن " ومن بعده ابن جرير الطبري في معرض ترجيحه وبيّن أن سياق الآية فيما قبلها وبعدها قد جاء في سبيل الإخبار عن المشركين والتوبيخ لهم والاحتجاج عليهم، فكيف يقول لهم لا أدري ما يفعل بكم في الآخرة (٣).
كما أن هذا المعنى قد يعضده القاعدة الترجيحية الآتية وهي أن (القول الذي تؤيده الآيات القرآنية أولى من غيره).
_________
(١) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٣، ص ٩.
(٢) نواسخ القرآن / ابن الجوزي، ج ١، ص ٢٢٧.
(٣) انظر معاني القرآن / النحاس، وجامع البيان / الطبري، ج ٢٥، ص ١٣، وقد تقدم قوله عند ذكر حجة أصحاب هذا القول.


الصفحة التالية
Icon