أما الطبري وابن عطية فقد رجّحا في تفسيريهما، قراءة النصب ولم يجيزا غيرها، وردّا قراءة الجر (١).
حجة أصحاب القول الأول وهم الذين يرون الأخذ بكلا القراءتين:
حجتهم في ذلك أن كلا القراءتين متواترتان حيث ذكرهما مجاهد في السبعة، والداني في التيسير، والشاطبي في نظمه (٢) والجزري في النشر، وبناء على أن كلا القراءتين متواترتان ذهب معظم المفسرين إلى الأخذ بهما وبمعناهما.
وقد بيّن أبو علي الفارسي وجه كل قراءة فقال: " من نصب الأرحام احتمل انتصابه وجهين:
أحدهما: أن يكون معطوفاً على موضع الجار والمجرور.
والآخر: أن يكون معطوفاً على قوله: ﴿وَاتَّقُوا﴾، التقدير: اتقوا الله الذي تساءلون به. واتقوا الأرحام أي اتقوا حق الأرحام فصلوها ولا تقطعوها.
وأما من جرّ الأرحام فإنه عطفه على الضمير المجرور بالباء " (٣).
حجة أصحاب القول الثاني وهم الذين ردوا قراءة الجر:
ردّ الطبري هذه القراءة معللاً ذلك بأن العرب لا تعطف بظاهر من الأسماء على مكني في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، وهذا قوله: " والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، النصب: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
_________
(١) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٤، ص ٢٨٣، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٢، ص ٥.
(٢) متن الشاطبية / الشاطبي، ص ٨٨.
(٣) الحجة للقراء السبعة / الفارسي، ج ٢، ص ٦٢.