" ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي - ﷺ - تواترا يعرفه أهل الصنعة، وإذا ثبت شيء عن النبي - ﷺ -، فمن رد ذلك فقد رد على النبي - ﷺ -، واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور، ولا يُقلَّد فيه أئمة اللغة والنحو، فإن العربية تتلقى من النبي - ﷺ -، ولا يشك أحد في فصاحته " (١).
وذكر أبو حيان أن ما ذهب إليه أهل البصرة وتبعهم فيه الزمخشري (٢) وابن عطية من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار، ومن اعتلالهم لذلك غير صحيح، وأن الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك وأنه يجوز.
وعلق على قول ابن عطية وردّه لقراءة الجر ووصفه بأنه: "جسارة قبيحة منه لا تليق بحاله ولا بطهارة لسانه، حيث عمد إلى قراءة متواترة عن رسول الله - ﷺ - قرأ بها سلف الأمة، واتصلت بأكابر قراء الصحابة الذين تلقوا القرآن من في رسول الله - ﷺ - بغير واسطة عثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وأقرأ الصحابة أُبيّ بن كعب، عمدَ إلى ردّها بشيء خطر له في ذهنه، وجسارته هذه لا تليق إلا بالمعتزلة كالزمخشري، فإنه كثيراً ما يطعن في نقل القراء وقراءتهم، وحمزة رضي الله عنه: أخذ القرآن عن سليمان بن مهران الأعمش، وحمدان
_________
(١) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ٥، ص ٩.
(٢) قال ابن عاشور: " وهذا جري على عادة الزمخشري في توهين القراءات المتواترة، إذا خالفت ما دُوّن عليه علم النّحو، لتوهّمه أنّ القراءات اختيارات وأقيسة من القُرّاء، وإنَّما هي روايات صحيحة متواترة وفي الإعراب دلالة على المقصود لا تناكد الفصاحة. (التحرير والتنوير، ج ٥، ص ١٠٣).


الصفحة التالية
Icon