حجة أصحاب القول الأول: وهم الذين يرون القراءة بـ (كُذِّبُوا) بالتشديد:
وهذا قول عائشة، وكذلك كانت تقرؤها رضي الله عنها، روى البخاري بسنده عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت له وهو يسألها عن قول الله: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ قال: قلت: أكُذِبوا أم كُذِّبوا؟ فقالت عائشة: كُذِّبوا. فقلت: فقد استيقنوا أن قومهم قد كَذَّبوهم فما هو بالظن؟ قالت: أجل، لعمري لقد استيقنوا بذلك. فقلت لها: وظنوا أنهم قد كذبوا؟ قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها. قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، فطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر، ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ ممّن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك " (١).
وهذه القراءة بالتشديد هي التي رجحها الطبري ولم يستجز غيرها (٢).
وروى ابن أبي حاتم بسنده قال: " إن محمد بن كعب القرظي يقول هذه الآية: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ فقال القاسم: أخبره عني أني سمعت عائشة زوج النبي - ﷺ - تقول: {حَتَّى إِذَا
_________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب حتى إذا استيأس الرسل، ج ٤، ص ١٧٣١، ح- ٤٤١٨.
(٢) انظر جامع البيان / الطبري، ج ١٣، ص ٠٣