يعني: أن لا يؤمنوا "مثل ما أوتيتم"، يقول: مثل ما أوتيتَ، أنت يا محمد، وأمتك من الإسلام والهدى "أو يحاجوكم عند ربكم"، قالوا: ومعنى"أو": "إلا"، أيْ: إلا أن"يحاجوكم"، يعني: إلا أن يجادلوكم عند ربكم عند ما فَعل بهم ربُّكم " (١).
قال الفراء: " يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله: ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ﴾ ثم قال الله لمحمد - ﷺ -: ﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾ أي: أن البيان الحق بيان الله أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم على تقدير لا كقوله تعالى ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ أي لئلا تضلوا " (٢).
القول الراجح:
هو القول الذي ذهب إليه ابن عاشور وهو أن هذا القول من قول أهل الكتاب، بناءً على القاعدة، ولكن هذا القول يرد عليه قوله في الآية نفسها: ﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾ كيف وقعت بين جزأي كلام واحد؟ ؟
وقد أجاب الرازي عن هذا الإشكال فيما نقله عن القفال (٣) حيث
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ٣، ص ٣٦٦.
(٢) فتح القدير / الشوكاني، ج ١، ص ٣٥١.
(٣) هو أبو بكر محمد بن على بن إسماعيل القفال الشاشى، نسبة إلى شاش بلدة مشهور من بلاد ما وراء النهر، ينسب إليه خلق كثير من العلماء والفقهاء ورواة الحديث، ، درس على أبى العباس أحمد بن شريح وله تصانيف، وهو أول من صنف في الجدل الحسن من الفقهاء، وعنه انتشر فقه الشافعى فيما وراء النهر، مات سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. (انظر مغاني الأخيار في شرح أسامي رجال معاني الآثار/ العيني، ج ٣، ص ١٢٥٠، وطبقات الشافعية الكبرى / السبكي، ج ٣، ص ٢٠٠).