عندهم، وعني بقوله: (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ) بساتين تجري في أصول أشجارها الأنهار " (١).
ومما يرجح هذا القول ويعضده قاعدة أخرى وهي (القول الذي يدل عليه السياق أولى من غيره) وفي السياق قرينة تؤكد هذا المعنى.
وقد أشار إليها ابن عاشور في تفسيره، فقال: " وهذا المحمل أشد تبكيتاً للمشركين وقطعاً لمجادلتهم، وقرينة ذلك قوله بعده: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا﴾ (٢)، وهو ضد ومقابل لما أعده لرسوله والمؤمنين " (٣).
وكذلك أكد ذلك ابن عطية من قبله حيث يقول: " هذا التأويل الثاني يوهم أن الجنات
والقصور التي في هذه الآية هي في الدنيا وهذا تأويل الثعلبي وغيره، ويرد ذلك قوله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾ " (٤).
كما يعضد هذا الترجيح قاعدة أخرى وهي: (إذا ثبت الحديث وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له) وقد ثبت في الحديث ما يدل عليه، وقد تقدم.
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ١٨، ص ٢٢٠.
(٢) سورة الفرقان، الآية (١١).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٩، ص ٣٣١.
(٤) المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٤، ص ٢٠١.


الصفحة التالية
Icon