ولم يخالف قول المفسرين الذين سبقوا قول ابن عاشور فكلهم متفقون جميعاً على أن يأجوج ومأجوج قبيلتين (١).
قال ابن عطية: " (يأجوج ومأجوج): قبيلتان من بني آدم لكنهم ينقسمون أنواعاً كثيرة، اختلف الناس في عددها، فاختصرت ذكره لعدم الصحة، وفي خلقهم تشويه: منهم المفرط الطول، ومنهم مفرط القصر، على قدر الشبر، وأقل، وأكثر، ومنهم صنف: عظام الآذان، الأذن الواحدة وبرة والأخرى زعرى، يصيف بالواحدة ويشتو في الأخرى وهي تعمه " (٢).
ومما يعضد هذا القول قاعدة: (إذا ثبت الحديث وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له)، ومن ذلك ما ورد في حديث أمّ حبيبة عن زينب بنت جحش رضي الله عنهاأن النبي - ﷺ - دخل عليها فزعاً يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شرّ قد اقترب، فُتح اليوم من رَدْم يأجوج ومأجوج مثل هذه». وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها." (٣). وأقوى منه حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: " يفتح
_________
(١) انظر جامع البيان / الطبري، ج ١٦، ص ٢٧، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٣، ص ٥٤٢، والتفسير الكبير / الرازي، ج ٧، ص ٤٩٩، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١١، ص ٦١، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٦، ص ١٥٤، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٩، ص ١٩٠، وفتح القدير / الشوكاني، ج ٣، ص ٣١٢، وروح المعاني / الألوسي، ج ٨، ص ٣٦٠، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٧، ص ٧١.
(٢) المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٣، ص ٥٤٢.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، ج ٣، ص ١٢٢١، ح- ٣١٦٨.


الصفحة التالية
Icon