بوقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع. وقال ابن زيد والحسن وابن إسحاق: أصبح فارغاً من تذكر الوعد الذي وعدها الله؛ إذ خامرها خاطر شيطاني فقالت في نفسها: إني خفت عليه من القتل فألقيته بيدي في يد العدو الذي أمر بقتله، قال ابن عطية: وقالت فرقة: فارغاً من الصبر، ولعله يعني من الصبر على فقده. وكل الأقوال الراجعة إلى هذه الناحية ترمي إلى أن أم موسى لم تكن جلدة على تنفيذ ما أمرها الله تعالى، وأن الله تداركها بوضع اليقين في نفسها " (١).
ورجّح ابن عاشور الناحية الأولى، حيث إنه قال بعد أن ذكرها: وهذا أسعد بقوله تعالى بعد: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وهذا أحسن ما فسرت به وهو من معنى الثناء عليها بثباتها " (٢).
وابن عاشور في ترجيحه لهذا القول قد احتكم إلى سياق الآية، وذلك نأخذه من قوله: " وهذا أسعد بقوله تعالى ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾.
وممن وافق قوله قول ابن عاشور فيمن سبقه من المفسرين البغوي، والزمخشري (٣).
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١٠، ص ٨٠ - ٨١، وانظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٤، ص ٢٧٨، والكشاف / الزمخشري، ج ٤، ص ٤٨٥، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١٣، ص ٢٦٥.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٠، ص ٨١.
(٣) انظر معالم التنزيل / البغوي، ج ٦، ص ١٩٤، والكشاف / الزمخشري، ج ٤، ص ٤٨٦.