كما استبعده أبو حيان وبيّن أن القراءات الشواذ التي في اللفظة تبعده (١)، ومن تلك القراءات: قراءة فضالة بن الأنصاري (٢) (فَزِعا) بالزاي (٣).
وذكر الرازي هذا القول ثم أثار أسئلة حوله وأجاب عنها بقوله: " ويمكن أن يجاب عنه بأنه لا يمتنع أنها لشدة ثقتها بوعد الله لم تخف عند إظهار اسمه، وأيقنت أنها وإن أظهرت فإنه يسلم لأجل ذلك الوعد إلا أنه كان في المعلوم أن الإظهار يضر فربط الله على قلبها، ويحتمل قوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ بالوحي فأمنت وزال عن قلبها الحزن، فعلى هذا الوجه يصح أن يتأول على أن قلبها سلم من الحزن على موسى أصلاً، وفيه وجه ثالث: وهو أنها سمعت أن امرأة فرعون عطفت عليه وتبنته إن كادت لتبدي به بأنه ولدها لأنها لم تملك نفسها فرحاً بما سمعت، لولا أن سكنا ما بها من شدة الفرح والابتهاج ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الواثقين بوعد الله تعالى لا يتبنى امرأة فرعون اللعين وبعطفها، وقرئ (قَرِعاً) أي خالياً من قولهم أعوذ بالله من صفر الإناء وقرع الفناء (وفرغاً) من قولهم: دماؤهم بينهم فرغ
_________
(١) انظر البحر المحيط / أبو حيان، ج ٧، ص ١٠٢.
(٢) هو فضالة بن عبيد بن ناقد بن قيس بن صهيب بن الأصرم بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري العمري الأوسي، يكنى أبا محمد، أول مشاهده: أحد، ثم شهد المشاهد كلها ثم انتقل إلى الشام، وسكن دمشق وبنى بها داراً، وكان فيها قاضياً لمعاوية، ومات بها وقبره بها معروف إلى اليوم. (انظر الإصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر، ج ٥، ص ٣٧١، والاستيعاب في معرفة الأصحاب / ابن عبد البر، ج ٣، ص ١٢٦٢).
(٣) القراءات الشاذة / ابن خالويه، ص ١١١.