والاضطراب، ويؤكده أن علة الربط: كي لا تبدي شيئاً مما من شأنه أن يكشف من أمرها شيئاً، ولكي يحملها على التصديق بوعد الله. ومن التكلف البارد قول بعضهم: إنها كانت تبدي فرحها بما حصل لموسى، وهنا يظهر الفرق بين منهج من انتزع اللفظة من سياقها، وبين منهج من نظر إليها في ضوء هذا السياق.
٤ - قول أم موسى لأخته "قصيه" يدل على لهفها عليه، وتشوقها إلى معرفة الحال التي آل إليها، وهذا نابع من خوف وقلق، وبين الله تعالى علة رد موسى إلى أمه؛ فقال: ﴿كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾ (١)، وهذا يومئ إلى أنها كانت قبل رده محلاً لشيء من البكاء الذي به تسخن العين، وهو عكس قرة العين، وكانت كذلك حزينة على فراقه (٢).
٣ - مثال وصية لقمان:
قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ (٣).
اختلف المفسرون في هذه الآية: هل هي مما أبلغه لقمان لابنه مما أوتيه من الوحي، أو هي اعتراضية من كلام الله تعالى؟ ؟، وقد ورجّح ابن عاشور كونها من كلام لقمان مما أبلغه لابنه مما أوتيه من الوحي مستندا في ترجيحه هذا إلى السياق، وفي ذلك يقول: "وإذا درجنا على أن لقمان كان نبياً فهذا الكلام مما
_________
(١) سورة القصص، الآية (١٣).
(٢) مجلة جامعة الملك سعود، العلوم التربوية والدراسات الإسلامية، ج ١٥، ص ٨٥٣ - ٨٥٥.
(٣) سورة لقمان، الآية (١٤).


الصفحة التالية
Icon