القحط بمكة قد احتكم في ترجيحه هذا إلى السياق، وإن لم يصرح به إلا أن مفهوم كلامه يقتضي هذا، يقول: " والكلام يؤذن بأن هذا الدخان المرتقَب حادث قريب الحصول، فالظاهر أنه حَدث يكون في الحياة الدنيا، وأنه عقاب للمشركين "، كما يؤذن بذلك قوله: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ (١) " (٢).
وقد ذهب إلى هذا القول الذي رجحه ابن عاشور عدد من المفسرين منهم: الطبري، وابن عطية، والرازي، والقرطبي، والشوكاني، والألوسي، والشنقيطي (٣).
في حين رجّح ابن كثير، والقاسمي القول الثالث كونه يوم القيامة (٤).
واحتمل أبو حيان، وغيره (٥) كلا المعنيين الثاني والثالث فقال: " فإن كان هو الذي رأته قريش، فالناس خاص بالكفار من أهل مكة، وقد مضى كما قال ابن مسعود؛ (٦) وإن كان من أشراط الساعة، أو يوم القيامة، فالناس عام فيمن
_________
(١) سورة الدخان، الآية (١٥).
(٢) التحرير والتنوير / ابن عاشور، ج ١٢، ص ٢٨٦.
(٣) انظر جامع البيان/ الطبري، ج ٢٥، ص ١٣٥، والمحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٦٩، والتفسير الكبير /الرازي، ج ٩، ص ٦٥٦، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١٦، ص ١٣٠،
(٤) انظر تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٢، ص ٣٤٠، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٨، ص ٣٠٢.
(٥) وكذلك احتمل الشوكاني كل الأقوال في فتح القدير، ة ج ٤، ص ٥٧١، والشنقيطي في أضواء البيان، ص ٥٠٥.
(٦) سيأتي حديث ابن مسعود عند ذكر حجة أصحاب القول الثاني.