حجة أصحاب القول الثاني القائلين: إن المخاطب في هذه الآية هو الكافر:
حجتهم في ذلك: السياق؛ لأن الآية في معرض الخطاب على صيغة التهكم التوبيخي.
قال صالح بن كيسان والضحاك وابن عباس - رضي الله عنه -: معنى قوله: ﴿لَقَدْ كُنْتَ﴾ أي: يقال للكافر الغافل من ذوي النفس التي معها السائق والشهيد إذا حصل بين يدي الرحمن وعاين الحقائق التي كان لا يصدق بها في الدنيا ويتغافل عن النظر فيها، ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا﴾ (١)، فلما كشف الغطاء عنك الآن احتد بصرك أي بصيرتك (٢).
قال الألوسي: " يقال للكافر الغافر إذا عاين الحقائق التي لم يصدق بها في الدنيا من البعث وغيره لقد كنت في غفلة من هذا الذي تعاينه، فالخطاب للكافر كما قال ابن عباس. وصالح بن كيسان، وتنكير الغفلة وجعله فيها وهي فيه يدل على أنها غفلة تامة، وهكذا غفلة الكفرة عن الآخرة وما فيها، وقيل: لجملة محكية بإضمار قول هو صفة لنفس أو حال والخطاب عام أي يقال لكل نفس أو قد قيل لها: لقد كنت " (٣).
وقال ابن عاشور: " يقال هذا الكلام لكل نفس من نفوس المشركين فهو
_________
(١) سورة، ق، الآية (٢٢).
(٢) أخرج قول ابن عباس الطبري في تفسيره، ج ٢٦، ص ١٨٩، وانظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ١٦٢.
(٣) روح المعاني / الألوسي، ج ١٣، ص ٣٣٤.