يحتاج فيه إلى أن يرجع الرسول من ذلك المجلس إلى السجن ويذكر له تلك الحكاية، ثم إن يوسف يقول ابتداء ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ ومثل هذا الوصل بين الكلامين الأجنبيين ما جاء ألبته في نثر ولا نظم فعلمنا أن هذا من تمام كلام المرأة" (١).
قال ابن كثير مرجحا هذا القول: " تقول: إنما اعترفت بهذا على نفسي، ذلك ليعلم زوجي أن لم أخنه في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، وإنما راودت هذا الشاب مراودة، فامتنع؛ فلهذا اعترفتُ ليعلم أني بريئة، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ (٢) تقول المرأة: ولست أبرئ نفسي، فإن النفس تتحدث وتتمنى؛ ولهذا راودته لأنها أمارة بالسوء، ﴿إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ (٣) أي: إلا من عصمه الله تعالى، ﴿إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٤) " (٥).
وهذا القول نصره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: " إن قوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب إذا كان معناه على ما زعموه أن يوسف أراد أن يعلم العزيز أني لم أخنه في امرأته على قول أكثرهم أو ليعلم الملك أو ليعلم الله لم يكن هنا ما
_________
(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٦، ص ٤٦٩.
(٢) سورة يوسف، الآية (٥٢ - ٥٣).
(٣) سورة يوسف، الآية (٥٣).
(٤) سورة يوسف، الآية (٥٣).
(٥) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٨، ص ٥٠.


الصفحة التالية
Icon