والذي يظهر لي أن الآية التي قبلها لما اشتملت على بشارة وإنذار وكان المنذرون إذا سمعوا الوعيد والإنذار يستهزئون به ويقولون: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (١) عُطف هذا الكلام على ما سبق تنبيهاً على أن لذلك الوعد أجلاً مسمى، فالمراد بالإنسان الإنسان الذي لا يؤمن بالآخرة كما هو في قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا﴾ (٢) وإطلاق الإنسان على الكافر كثير في القرآن " (٣).
وقال الألوسي: " والمراد بالإنسان الجنس أسند إليه حال بعض أفراده، وهو الكافر، وإليه يشير كلام ابن عباس - رضي الله عنه - أو حكى عنه حاله في بعض أحيانه كما يقتضيه ما روي عن الحسن ومجاهد، فالمعنى على الأول: أن القرآن يدعو الإنسان إلى الخير الذي لا خير فوقه من الأجر الكبير ويحذره من الشر الذي لا شر وراءه من العذاب الأليم وهو أي بعض أفراده أعني الكافر يدعو لنفسه بما هو الشر من العذاب المذكور إما بلسانه حقيقة كدأب من قال منهم: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً
_________
(١) سورة يس، الآية (٤٨).
(٢) سورة مريم، الآية (٦٦، ٦٧).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٧، ص ٤١.