فقيل: المراد بالناس أهل مكة، وقيل: الأعراب المشركين، وقيل: اليهود، وقد ذكر هذه الأقوال ابن عاشور في تفسيره فقال: " فالمراد بـ (الناس): أهل مكة جرياً على مصطلح القرآن في إطلاق هذا اللفظ غالباً.
وقيل: المراد كف أيدي الأعراب المشركين من بني أسد وغطفان، وكانوا أحلافاً ليهود خيبر وجاءوا لنصرتهم لما حاصر المسلمون خيبر فألقى الله في قلوبهم الرعب فنكصوا.
وقيل: إن المشركين بعثوا أربعين رجلاً ليصيبوا من المسلمين في الحديبية، فأسرهم المسلمون، وهو ما سيجيء في قوله: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ (١).
وقيل: كفّ أيدي اليهود عنكم، أي عن أهلكم وذراريكم إذ كانوا يستطيعون أن يهجموا على المدينة في مدة غيبة معظم أهلها في الحديبية (٢)، وهذا القول لا يناسبه إطلاق لفظ (الناس) في غالب مصطلح القرآن " (٣).
ومن هذا المثال نلحظ اهتمام ابن عاشور بقاعدة المبحث حيث رجّح أن المراد بالناس كفار مكة جرياً على مصطلح القرآن، وقد سبق ابن عاشور إلى هذا الاختيار عدد من المفسرين منهم الرازي، والقرطبي، وأبو حيان، والشوكاني (٤).
_________
(١) سورة الفتح، الآية (٢٤).
(٢) وهذا القول لقتادة أخرج روايته الطبري في تفسيره، ج ٢٦، ص ١٠٥.
(٣) التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ١٧٨.
(٤) انظر التفسير الكبير / الرازي، ج ١٠، ص ٨١، والجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج ١٦، ص ٢٦٧، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٩٦، وفتح القدير / الشوكاني، ج ٥، ص ٥٢.


الصفحة التالية
Icon