وهذا هو مصطلح القرآن في الفاحشة أن المراد بها الزنى وكل معصية.
وممن وافق قوله قول ابن عاشور في أن المراد بالفاحشة في هذه الآية كل معصية، الطبري حيث يقول: " والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال: " عنى بالفاحشة في هذا الموضع: المعصية، وذلك أن الفاحشة هي كلّ أمر قبيح تعدّى فيه حدّه، فالزنى من ذلك، والسرق والبذاء على الأحماء، وخروجها متحوّلة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتدّ فيه منه، فأي ذلك فعلت وهي في عدتها، فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك، لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها " (١) وتبعه ابن عطية في ترجيحه هذا وكذلك ذهب إلى هذا القول ابن كثير، والقاسمي (٢) وذكر ابن عطية عند تفسيره لهذه الآية قول بعض الناس ولم يسميه، وهو أن: (الفاحشة متى وردت معرفة فهي الزنا، ومتى جاءت منكرة فهي المعاصي) وكذلك نقله ابن عاشور عن ابن عطية، ولم يعلقا عليه (٣).
والذي يبدو لي أن ما ذكره ابن عطية ونقله عنه ابن عاشور في معنى الفاحشة معنى غير مطرد في القرآن، ولا يمكن أن يكون قاعدة أغلبية وسيأتي توضيح ذلك عند ذكر القول الراجح.
أما الرازي وأبو حيان فقد ساقا الأقوال في معنى الفاحشة ولم يرجحا (٤).
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ٢٨، ص ١٥١.
(٢) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٣٢٣، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ١٤، ص ٢٨، ومحاسن التأويل / القاسمي، ج ٩، ص ١٥١، وأضواء البيان / الشنقيطي، ص ٩٠.
(٣) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٣٢٣، والتحرير والتنوير، ج ١٣، ص ٣٠٠.
(٤) انظر التفسير الكبير/ الرازي، ج ١٠، ص ٥٦٠، والبحر المحيط / أبو حيان، ج ٨، ص ٢٧٨.


الصفحة التالية
Icon