وفي ذلك يقول ابن عاشور: "سَفَرة يجوز أن يكون جمع سَافر، مثل كاتب وكتبة، ويجوز أن يكون اسم جمع سَفير، وهو المرسَل في أمر مهم، فهو فَعيل بمعنى فاعل، وقياس جمعه سفراء وتكون (في) للظرفية المجازية، أي المماثلة في المعاني ".
ثم ذكر ابن عاشور عدة وجوه في معنى سفرة فقال: إما أن يكون السفرة محمله الملائكة لأنهم سفراءُ بين الله ورسله، والمراد بأيْديهم: حِفْظهم إياه إلى تبليغه، فمثّل حال الملائكة بحال السفراء الذين يحملون بأيديهم الألوك والعُهود.
وإما أن يراد: الرسلُ الذين كانت بأيديهم كتُبهم مثل موسى وعيسى عليهما السلام.
وإما أن يراد كتَّاب الوحي مثل عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعمر وعثمان وعلي وعامر بن فهيرة.
وفي وصفهم بالسفرة ثناء عليهم؛ لأنهم يبلغون القرآن للناس وهم حفاظه ووعاته قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ (١) فهذا معنى السفرة (٢).
ثم رجَّح ابن عاشور أن السفرة المراد بهم الملائكة مستدلاً على ذلك بأدلة ستأتي.
وممن سبق ابن عاشور في ترجيح هذا القول من المفسرين الطبري وابن
_________
(١) سورة العنكبوت، الآية (٤٩).
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٥، ص ١١٩.


الصفحة التالية
Icon