القول الراجح
نصل إلى أن الزيادة في المبنى دليل على الزيادة في المعنى، وأن الرحمن أشد مبالغة من الرحيم، وهذا هو ما ذهب إليه ابن عاشور بناءً على قاعدة المبحث.
قال أبو على الفارسي: " الرحمن " اسم عام في جميع أنواع الرحمة، يختص به الله.
" والرحيم " إنما هو في جهة المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ (١).
وقال العزرمي (٢): " الرحمن " بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة، و " الرحيم " بالمؤمنين في الهداية لهم، واللطف بهم، قال ابن عطية وهذه كلها أقوال تتعاضد (٣).
وأما قول من قال: إن الرحمن والرحيم بمعنى واحد، فقد ردّه ابن عاشور بقوله: " وهو وجه ضعيف إذ التوكيد خلاف الأصل، والتأسيس خير من التأكيد والمقام هنا بعيد عن مقتضى التوكيد. وقد ذُكِرت وجوه في الجمع بين الصفتين ليست بمقنعة " (٤).
_________
(١) سورة الأحزاب، الآية (٤٣).
(٢) هو عبد الملك بن أبي سليمان، أبو محمد، العرزمي الفزاري، ولد عام ٧٧ هـ، وهو شاعر حضرمي، له اشتغال بالحديث انتقل من حضرموت إلى الكوفة وأدرك أول الدولة العباسية، أكثر شعره آداب وأمثال، وهو القائل: (إن يحسدوني فاني غير لائمهم * قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا) وكان يحفظ الحديث ويرويه، وليس بثقة: ضاعت كتبه فحدث من حفظه فأتى بمناكير، توفي سنة (١٤٥ هـ. (انظر الأعلام / الزركلي، ج ٦، ص ٢٥٨).
(٣) المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ١، ص ٦٣.
(٤) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٧٢.


الصفحة التالية
Icon