الطاء، وقرئ فما اصطاعوا بقلب السين صاداً (١).
القول الراجح
هو ما ذهب إليه ابن عاشور من أن هناك فرقا بينهما، وذلك بناء على القاعدة الترجيحية أن (الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى).
وفي تفسير هذه الآية يقول الشيخ محمد بن عثيمين: ﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ لم تأتِ التاء في الفعل الأول (اسطاعوا) وأتت فيه ثانياً، وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، أيهما أشق أن يصعدوا الجبل أو أن يَنقبوا هذا الحديد؟
الجواب: الثاني أصعب ولهذا قال: ﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ لأنه حديد ممسوك بالنحاس، فصاروا لا يستطيعون ظهوره لعلوه وملاسته، فيما يظهر، ولم يستطيعوا له نقباً لصلابته وقوته، إذاً صار سداً منيعاً وكفى الله شر هؤلاء المفسدين وهم يأجوج ومأجوج.
وقد يقول قائل لماذا لم تحذف التاء في قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ وحذفت في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ والجواب: لأن المقام في الآية الأولى مقام شرح وإيضاح وتبيين فلم يحذف من الفعل، أما في الآية الثانية فهي في مقام مفارقة ولم يتكلم بعدها الخضر بكلمة وفارق موسى فاقتضى
_________
(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٧، ص ٥٠٠.


الصفحة التالية
Icon