يسمى كوثرا " (١).
القول الراجح
فيما يظهر لي والله أعلم أن القول الراجح في معنى الكوثر أنه نهر في الجنة، وذلك لثبوته بالنص عن النبي - ﷺ - أنه نهر في الجنة، وما ذهب إليه ابن عاشور من أن الكوثر يدل على الكثرة والخير الكثير، بناء على أن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى ترجيح تعارضه قاعدة أقوى منه وهي أنه (إذا ثبت الحديث وكان نصاً في تفسير الآية فلا يصار إلى غيره)، وقد تتابعت الأخبار في أن الكوثر نهر في الجنة، وعليه فيتأكد الأمر وتبقى الدلالة على الكوثر بأنه يعني الكثرة من حيث كثرة الواردة والشاربة من أمة محمد - ﷺ - ويسمى أيضا بالكوثر لما فيه من الخير الكثير والماء الكثير.
قال الشوكاني بعد أن ساق الأحاديث الواردة في الكوثر: " فهذه الأحاديث تدلّ على أن الكوثر هو النهر الذي في الجنة، فيتعين المصير إليها، وعدم التعويل على غيرها، وإن كان معنى الكوثر: هو الخير الكثير في لغة العرب، فمن فسره بما هو أعمّ مما ثبت عن النبيّ - ﷺ -، فهو تفسير ناظر إلى المعنى اللغويّ. أخرج أحمد، والترمذي وصححه، وابن ماجه، وابن جرير عن عطاء بن السائب قال: سعيد بن جبير في الكوثر: حدّثنا عن ابن عباس أنه قال: هو الخير الكثير، فقال: صدق إنه للخير الكثير، ولكن حدّثنا ابن عمر قال: نزلت: (إِنَّا أعطيناك الكوثر) فقال رسول الله - ﷺ -: " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدرّ،
_________
(١) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة / القرطبي، ص ٢٥٦.


الصفحة التالية
Icon