وابن عاشور فيما سبق احتمل أن يكون جواب لو محذوف، وبنى على ذلك وجوها تقدمت.
واحتمل الرازي وجوهاً أخرى لكونه لا يرى أن جواب لو محذوف فيقول: " وعندي أن الجواب غير محذوف، وفي تقريره وجوه:
أحدها: أن الله تعالى إذا خاطبهم بقوله: ﴿ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ﴾ فههنا يشتد الخوف عليهم ويلحقهم شيء كالسدر والدوار، ويصيرون بحيث لا يبصرون شيئاً فقال تعالى: ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾. شيئاً أما لما صاروا من شدة الخوف بحيث لا يبصرون شيئاً لا جرم ما رأوا العذاب.
وثانيها: أنه تعالى لما ذكر عن الشركاء، وهي الأصنام أنهم لا يجيبون الذين دعوهم، قال في حقهم ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ أي هذه الأصنام كانوا يشاهدون العذاب لو كانوا من الأحياء المهتدين ولكنها ليست كذلك فلا جرم ما رأت العذاب فإن قيل قوله: ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ ضمير لا يليق إلا بالعقلاء فكيف يصح عوده إلى الأصنام؟ قلنا هذا كقوله: ﴿فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ وإنما ورد ذلك على حسب اعتقاد القوم فكذا.
وثالثها: أن يكون المراد من الرؤية رؤية القلب، أي والكفار علموا حقية هذا العذاب في الدنيا لو كانوا يهتدون، وهذه الوجوه عندي خير من الوجوه المبنية على أن جواب لو محذوف فإن ذلك يقتضي تفكيك النظم من الآية


الصفحة التالية
Icon