قصر، وهو كقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي﴾ (١) ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها، ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها.
ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي - ﷺ -، وأنه قال أيضاً: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي - ﷺ - وأنه كان يصرخ بذلك في السوق، وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وأنها نزلت في بيت أم سلمة. وأما ما وقع من قول عُمر بن أبي سلمة: أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله؟ فقال: " أنت على مكانك وأنتِ على خير ". فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة لأن النبي - ﷺ - إنما أراد أن ما سألته من الحاصل، لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أمر حصل وهو مناف بآداب الدعاء كما حرره شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبي - ﷺ - تعليماً لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لأم سلمة: " إنكِ من أزواج النبي "، وهذا أوضح في المراد بقوله: «إنك على خير» " (٢).
_________
(١) سورة الحجر، الآية (٦٨).
(٢) التحرير والتنوير، ج ١١، ص ١٥ - ١٦.


الصفحة التالية
Icon