بِمَجْنُونٍ} (١) اهـ.
وكيف انصرف نظرُه عن سياق الآية في الرد على أقوال المشركين في النبي - ﷺ - ولم يقولوا في جبريل شيئاً لأن الزمخشري رام أن ينتزع من الآية دليلاً لمذهب أصحاب الاعتزال من تفضيل الملائكة على الأنبياء، وهي مسألة لها مجال آخر، على أنك قد علمتَ أن الصفات التي أجريت على (رسول) في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ إلى قوله: (أَمِينٍ)، غيرُ متعين انصرافُها إلى جبريل فإنها محتملة الانصراف إلى محمد - ﷺ - وقد يطغى عليه حب الاستدلال لعقائد أهل الاعتزال طغياناً يرمي بفهمه في مهاوي الضَّآلة، وهل يسمح بال ذي مسكة من علم بمجاري كلام العقلاء أن يتصدى متصد لبيان فضل أحد بأن ينفي عنه أنه مجنون، وهذا كله مبني على تفسير: ﴿رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ بجبريل فأما إن أريد به محمد - ﷺ - أوْ هو وجبريل عليهما السلام فهذا مقتلَع من جذره. ولا يخفى أن العدول عن اسم النبي العَلَم إلى (صَاحِبُكُمْ) لما يؤذن به (صَاحِبُكُمْ) من كونهم على علم بأحواله، وأما العدول عن ضميره إن كان المراد بـ (رسول) خصوص النبي - ﷺ - فمن الإظهار في مقام الإِضمار للوجه المذكور وإذا أريد بـ (رسول) كلاهما فذكر (صَاحِبُكُمْ) لتخصيص الكلام به " (٢).
_________
(١) الكشاف / الزمخشري، ج ٦، ص ٣٢٦.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٥، ص ١٥٨.


الصفحة التالية
Icon