والاهتداء، فربما وسع الله الرزق على العاصي وضيّقه على المطيع وربما عكس فلا يغرنهم هذا وذاك فإنكم لا تعلمون. وهذا ما جعل قوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ مصيباً المحزّ. فأكثر الناس تلتبس عليهم الأمور فيخلطون بينها ولا يضعون في مواضعها زيْنها وشَيْنها (١).
٢ - يطرح بعض الأمور المشكلة ويجيب عليها كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ (٢) حيث يقول: " فإن قلت هل تكون هذه الآية حجة للذين قالوا من علمائنا: إن إعجاز القرآن بالصرفة، أي أعجز الله المشركين عن معارضته أي صرفهم عن محاولة المعارضة لتقوم الحجة عليهم، فتكون الصرفة من جملة الأكنة التي جعل الله على قلوبهم.
قلت: لم يحتجّ بهذه الآية أصحاب تلك المقالة لأنك قد علمت أن الأكنة تخييل،
وأن الوقر استعارة وأن قول النظر (ما أدري ما أقول) بهتان ومكابرة، ولذلك
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ " (٣)....
٣ - لم يغرق ابن عاشور في ذكر الإسرائيليات، ولم يذكر الروايات
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١١، ص ٢١٣.
(٢) سورة الأنعام، الآية (٢٥).
(٣) التحرير والتنوير، ج ٤، ص ١٨٠.


الصفحة التالية
Icon