فالسين والتاء فيه للمبالغة مثل استقدم واستأخر واستجاب، وهو انقباض النفس من صدور فعل، أو تلقيه لاستشعار أنه لا يليق أو لا يحسن في متعارف أمثاله، فهو هيئة تعرض للنفس هي من قبيل الانفعال يظهر أثرها على الوجه وفي الإمساك عن ما من شأنه أن يُفعل.
والاستحياء هنا منفي عن أن يكون وصفاً لله تعالى، فلا يحتاج إلى تأويل في صحة إسناده إلى الله، والتعللُ لذلك بأن نفي الوصف يستلزم صحة الاتصاف تعللٌ غير مسلم " (١).
الرد على ابن عاشور:
ما ذكره ابن عاشور من نفي صفة الحياء لله تعالى مخالف لما عليه مذهب السلف من إثبات الصفات على ما جاءت من غير تكييف ولا تحريف، فلله تبارك وتعالى حياء يليق بجلاله وعظمته، وما ذكره ابن عاشور هو من توهم تشبيه الخالق بالمخلوق، فإثبات الصفة لله تعالى، يكون إثباتاً كاملاً، منزهاً عن التشبيه من جميع وجوهه، وقد ذكر الحياء في غير ما حديث، فيجب إثبات الصفة في جميع مواردها من القرآن والسنة على ما يليق به (٢)
قال الألوسي في "روح المعاني": " وللناس في ذلك مذهبان: فبعض يقول بالتأويل إذ الانقباض النفساني مما لا يحوم حول حظائر قدسه سبحانه، فالمراد بالحياء عنده الترك اللازم للانقباض، وجوّز جعل ما هنا بخصوصه من باب المقابلة لما وقع في كلام الكفرة بناءً على ما روي أنهم قالوا: ما يستحي رب محمد أن يضرب الأمثال بالذباب، والعنكبوت، وبعض، وأنا والحمد لله منهم لا يقول بالتأويل بل يمر هذا وأمثاله مما جاء عنه سبحانه في الآيات والأحاديث على ما جاءت، ويكل علمها بعد التنزيه عما في الشاهد إلى عالم الغيب والشهادة " (٣).
٥ - قاعدة: إذا كانت الصفة تستلزم الجسم تعيّن صرف اللفظ عن ظاهره بالدليل العقلي:
ذكر ابن عاشور هذه القاعدة عند تفسيره لقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٣٦١.
(٢) المفسرون بين التأويل والإثبات / المغراوي، ج ١، ص ٣٠٠.
(٣) روح المعاني / الألوسي، ج ١، ص ٢٠٨.