وكذلك قول الداعي للمعرس: بالرفاء والبنين، معناه: أعرست ملتبساً بالرفاء والبنين، وهذا الوجه أعرب وأحسن. فإن قلت: فكيف قال الله تعالى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقصد الموحد معنى اختصاص اسم الله بالابتداء" هو أن يقال: قراءتي مختصة بأن أتبرك باسم الله، وأخالف أعداء الله بتبركهم باسم آلهتهم.
وأما احتمال التركيب- يعني: قراءتي مختصة بالتبرك باسم الله، لا بشيء آخر- فبمعزل عن المرام ومراحل من مقتضى المقام. وفي هذا التعلق بحث، لأن "أقرأ" حينئذ ليس بعامل في الجار والمجرور، فهو إما أن يحمل على اللغوي، فإن للحال تعلقاً بعاملها فسلك فيه طريق المشاكلة، أو على الإفضاء كما نص عليه في قوله تعالى: (كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِماً) [يونس: ٢٧]، فيه إشارة على أن التبرك تابع لقراءتها وهو مطلوب بها، وسيجيء بيانه.
قوله: (أعرب)، أي: أفصح؛ من قولهم: كلام عربي، أي: فصيح. وقيل: أبين، الأساس: عرب عن صاحبه تعريباً: إذا تكلم عنه واحتج له. قيل: إنما كان أعرب وأحسن؛ لأن باء المصاحبة تقتضي الاستدامة في قصد المتكلم. فمعناه كل حرف مما أتكلم به بعد التسمية أقدر فيه "بسم الله"، ففيه تعميم الفعل مع التسمية كما في قوله: (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون: ٢٠] أي: تنبت ثمارها وفيها الدهن.
ويناسبه ما روي في الحديث "تسمية الله تعالى في قلب كل مسلم، سمى أو لم يسم" وقيل: إنما كان أحسن؛ لأن التبرك مؤذن برعاية حسن الأدب، واسم الإله بخلافه. وفيه نظر؛ لأن القارئ في قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: ٥] إنما يطلب من الله تعالى