..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقرب. وبيانه: أن الحال لبيان هيئة الفاعل هنا. وقد ثبت بالدليل أن لابد لكل فعل متقرب به إلى الله تعالى من إعانة الله وتسديده؛ فدل تقدير الحال على أمر زائد فيكون أبين. وينكشف هذا المعنى كشفاً تاماً في قولك: تنبت هذه الشجرة بالماء، إذا أردت بالباء الصلة كان المعنى: تنبت بواسطة الماء، وإذا أردت الحال رجع إلى أنها تنبت وهي ملتبسة بالماء، فأفاد أنها طرية رياً.
والتحقيق أن يقال: على تقدير الحال أقرأ وأنا متبرك باسم الله، ومتوسل بمكانته عند الله لاستزادة التوفيق على إتمام ما شرعت فيه، وقبول ما تقربت به إليه. هذا كله يعطيه معنى التبرك المقدر لإرادة الحال. وقال: "البركة كثرة الخير وزيادته"، ولما كان مآل ذلك الوجه في الحقيقة إلى هذا، وكان أبين منه قال: "أعرب وأحسن".
الراغب: قال بعض العلماء: إنما قال: "بسم الله" ولم يقل: بالله؛ لأنه لما استحب الاستعانة بالله في كل أمر يفتتح به من قراءة أو غيرها فبعضهم يذكره بقلبه، وبعضهم يريده ويقول بلسانه، ويكون أبلغ، فألفاظ الاستعانة نحو: أستعين بالله، واللهم أعني، ونحو ذلك. وذكر الله مستعمل في كل ذلك فصار لفظه "بسم الله" مستغنى به عن جميعها وقائماً مقامها. ولو قال: بالله لتوهم الاستعانة بهذه اللفظة فقط، والاسم ها هنا موضوع موضع المصدر، أي: التسمية. فالقائل إذا قال: بالله أبتدئ؛ فمعناه بهذا الاسم، وإذا قال: بسم الله؛ فإن المقصود به المسمى. وما ذكر من الخلاف في أن الاسم هل هو المسمى أو غيره؟ فكلاهما صحيح؛ فإن من قال: إن الاسم هو زيد أو عمرو، وهو المسمى، نظر إلى قولهم: رأيت زيداً، وزيد رجل صالح. فإن زيداً ها هنا عبارة عن المسمى، والرؤية به تعلقت.


الصفحة التالية
Icon