..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيما فيه الترقي، فلم قلت: إن تلك في الصيغتين مفقودة؛ لأنهما مشتملان على معنى الرحمة، وفي أحدهما أبلغ من الآخر؟ وإن أردت أن الصيغتين لابد أن يتفقا في المعنى كما هو في قولك: جواد فياض، وليس فيهما ذلك؛ فغير مسلم، ألا ترى أن المصنف كيف اعتبر الترقي في قوله تعالى: (لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) [النساء: ١٧٢] وفي قول الشاعر:

وما مثله ممن يجاود حاتم ولا البحر ذو الأمواج يلتج زاخره
مع أن الملائكة والبحر ليسا من جنس البشر؟ !
وقال صاحب "الفرائد": فلما كان فعلان للأمور العارضة على ما عرف، كالسكران والعطشان، وفعيل للصفات الغريزية كالكريم ونحوه؛ وجب تقديم الرحمن على الرحيم. وأما عروض المعنى فمن جهة العباد، وأنه تعالى ينعم على العباد حالاً بعد حال، وهو ضعيف لأن فعلان صفة مشبهة وهو أبعد جرياً من الفعل كما سبق، وأن الرحيم اسم فاعل كما نص عليه الزجاج. وقوله: فعيل من الصفات الغريزية وذلك في نحو شرف وكرم، وليس وزان رحم وزانه، بل وزان مرض وسقم كما صرح به المصنف آنفاً.
سلمنا، لكن قولك: ينعم على العباد حالاً بعد حال؛ يدل على أنه أبلغ من الدوام في بعض الصور كما سيجيء.
الراغب: النديم: هو الذي كثرت منادمته، والندمان هو الذي مع كثرة ذلك منه تكررت


الصفحة التالية
Icon