وارتفاع (الحمد) بالابتداء، وخبره الظرف الذي هو (لِلَّهِ)، وأصله النصب الذي هو قراءة بعضهم بإضمار فعله على أنه من المصادر التي تنصبها العرب بأفعال مضمرة في معنى الإخبار، كقولهم: شكراً وكفراً، وعجباً، وما أشبه ذلك، ومنها: سبحانك، ومعاذ الله، ينزلونها منزلة أفعالها، ويسدون بها مسدها؛ ولذلك لا يستعملونها معها، ويجعلون استعمالها كالشريعة المنسوخة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والكفران نقيض الشكر لحصوله بالقلب واللسان والجوارح، والمدح يقابل الهجو؛ لما في الهجو من الثلب الذي هو نقيض التحسين.
قوله: (وأصله النصب الذي هو قراءة بعضهم)، قال الزجاج: الحمد رفع بالابتداء، وهو الاختيار؛ لأن السنة تتبع في القرآن، ولا يلتفت إلى غير الرواية الصحيحة التي قرأها المشهورون بالضبط والثقة، ويجوز "الحمد لله" تريد: أحمد الله الحمد، إلا أن الرفع أحسن وأبلغ في الثناء على الله تعالى.
وهذه القراءة ما ذكرها ابن جني في "المحتسب".
قال في "الانتصاف": يدل على ذلك أن سيبويه اختار في قول القائل: "فإذا له عِلْمٌ عِلْمُ الفقهاء" الرفع، وفي قوله: "فإذا له صَوْتٌ صَوْتَ حمار" النصب؛ لإشعار النصب بالتجدد المناسب للأصوات، وإشعار الرفع بالثبوت الذي هو في العلم أمدح.
قوله: (ومنها: سبحانك، ومعاذ الله)، قيل: ميزهما لكونهما غير متصرفين.
قوله: (كالشريعة)، أي: كالتدين بالشريعة المنسوخة في كونهما محظورين. وقيل: لا يجوز


الصفحة التالية
Icon