..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا الكلام يحتاج إلى فضل تقرير ومزيد بيان؛ فنقول وبالله التوفيق: أما قوله: بناءً على مذهبه؛ فذلك أن من مذهبه أن العبد أيضاً موجد لأفعاله بالاستقلال، فيستحق بذلك الحمد، فلا يكون كل الحمد لله تعالى.
واعلم أن هذا المقام من مزال الأقدام، فالواجب أن نتكلم على مقتضى المقام ونقول للمصنف: ما تعني بإسناد الوهم إلى القائل بالاستغراق؟ فإن مجرد التعصب لا يجديك! إن عنيت أن أصل الكلام: نحمد الله حمداً؛ لأن المقام أو اللغة تقتضيه، فيقال: أين صحة تلك الدعوى؟ أما المقام فهو ناب عنه كما سنبينه، وأما اللغة فلا تمنع غير ذلك كما قال هذا الفاضل: إن تعريف الجنس ليس مما يقتضي الاستغراق ولكنه يحتمله كما ذكرت في قوله تعالى: (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) [البقرة: ٢٥] ولعله يتشبث بالفصل وهو ترك العاطف بين الجملتين وهو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ). ونقول: ليس هذا الفصل إلا لأن يكون الثاني بياناً للأول فيرد بأن هذا من التعكيس؛ لأن جعل صدر الكلام متبوعاً للعجز أولى من العكس.
وأما المحققون كالواحدي والإمام والقاضي وغيرهم؛ فعلى تعميم الحمد، وأن ترك العاطف في قوله: "إياك"؛ لأن الكلام الأول جار على المدح للغائب بسبب استحقاقه كل الحمد، والثاني جار على الحكاية عن نفس الحامد من بيان أحواله بين يدي ذلك الغائب، فترك العاطف للتفرقة بين الحالتين، لا للبيان.
ويدل على أن هذا التقدير أولى من وجوه:
أحدها: أن حسن الالتفات أن يكون النقل من إحدى الصيغتين إلى الأخرى في سياق


الصفحة التالية
Icon