ومعناه: مالك الأمر كله في يوم الدين، كقوله: (لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر: ١٦]. فإن قلت: فإضافة اسم الفاعل إضافة غير حقيقية، فلا تكون معطية معنى التعريف، فكيف ساغ وقوعه صفة للمعرفة؟ قلت: إنما تكون غير حقيقية إذا أريد باسم الفاعل الحال أو الاستقبال، فكان في تقدير الانفصال، كقولك: مالك الساعة أو غداً.
فأما إذا قصد معنى الماضي، كقولك: هو مالك عبده أمس، أو زمان مستمر، كقولك: زيد مالك العبيد، كانت الإضافة حقيقية، كقولك: مولى العبيد، وهذا هو المعنى في: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: هو فيما تقدم مستشهد لمعنى التسلط كما قررنا، وما كان يستتب ذلك غلا على قراءة "ملك". وها هنا مستشهد لمعنى العموم المستفاد من الإضافة. فهو على القراءتين مستقيم.
قوله: (فإضافة اسم الفاعل)، هذه الفاء مؤذنة بالإنكار، أي: كيف يجعل اسم الفاعل عاملاً في الظرف، ثم يجعله مع هذا صفة للمعرفة؟
قوله: (أو زمان مستمر)، عطف على قوله: "معنى الماضي"، ومعنى الاستمرار فيه كما في قولك: فلان يقري الضيف ويحمي الحريم. قال المصنف: يريد أنه مما اعتاده ووجد منه مستمراً. وبعدما أتى لكل واحد بمثال على حدة، أتى بمثال آخر يجمعهما في معنى الإضافة الحقيقية يدل عليه إيقاع "كانت" جواباً لـ "إذا" بعد ذكر المثالين. وإنما جمع العبيد في المثال الثاني وأفرده في الأول ليؤذن بتملكه إياهم في الأزمنة المختلفة.
قوله: (هذا هو المعنى في: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، يعني كما قلنا من أن القصد هو المعنى أو الزمان المستمر. والإضافة حقيقية في المثالين، كذا هو المعنى في قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، لا لمجرد الحال والاستقبال؛ دل على هذا الحصر توسيط ضمير الفصل بين اسم الإشارة والخبر المعرف باللام، ثم قال: "ويجوز أن يكون المعنى: مَلَكَ الأمور" يعني وجائز


الصفحة التالية
Icon