أنه حين انتهى رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها كأنها نار بيضاء تتقد، وسمع تسبيح الملائكة، ورأى نورا عظيما فخاف وبهت، فألقيت عليه السكينة ثم نودي، وكانت الشجرة عوسجة. وروى: كلما دنا أو بعد لم يختلف ما كان يسمع من الصوت. وعن ابن إسحاق: لما دنا استأخرت عنه، فلما رأى ذلك رجع وأوجس في نفسه خيفة، فلما أراد الرجعة دنت منه، ثم كلم. قيل: أمر بخلع النعلين لأنهما كانتا من جلد حمار ميت غير مدبوغ عن السدى وقتادة. وقيل: ليباشر الوادي بقدميه مُتبركاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما أن الصوت لا يختلف بقُربٍ وبعدٍ فمما يجبُ تغليطُ رواته. والذي يثبت صوتاً وجسماً يقول: إن موسى قال: سبحانك أسمعُ صوتك ولا أرى شخصك.
وقلتُ: روى الواحدي ومحيي السنة عن وهب: نودي من الشجرة فقيل: يا موسى، فأجاب سريعاً - ما يدري من دعاه - فقال: إني أسمعُ صوتك ولا أرى مكانك، فأين أنت؟ فقال: أنا فوقك ومعك وأمامك وخلفك وأقربُ إليك من نفسكن فعلم أن ذلك لا ينبغي إلا لله عز وجل فأيقن به، هذا كله لايدل على لزوم الجسمية، وكذلك القرب والبعدُ.
وقال القاضي: وهذا إشارةٌ إلى أنه عليه السلام تلقى من ربه كلامه تلقياً روحانياً ثم تمثل ذلك الكلام لبدنه وانتقل إلى الحس المشترك فانتقل إليه من غير اختصاص بعضو وجهة.
قوله: (فألقيت عليه السكينة)، السكينة: فعيلةٌ من السكون، وهي الطمأنينة.
قوله: (عوسجة)، الجوهري: العوسج: ضربٌ من الشوك، الواحد منها عوسجةٌ.
قوله: (لأنهما كانتا من جلد حمار)، عن الترمذي، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم