غرهم منه أن في مصحف أبى: أكاد أخفيها من نفسي. وفي بعض المصاحف: أكاد أُخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها وعن أبى الدرداء وسعيد بن جبير: (أخفيها) بالفتح، من خفاه إذا أظهره، أى: قرب إظهارها كقوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر: ١]،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرينة على تعيين المحذوف، والذي دل عليه الكلام الإتيان، فيجبُ أن يُقدر: أكادُ أخفي إتيانها، على حذف المضاف، وقيل: والذي يدل على ذلك المقدر إيجاب أخفيها من متعلقٍ، وهو على من أخفيها، فلا يجوز أن يُقال: (أَكَادُ أُخْفِيهَا) من الخلق؛ لأنه تعالى أخفاها عنهم ونص عليه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [لقمان: ٣٤]، وبقوله: (إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) [الأعراف: ١٨٧]، وغير ذلك، فتعين أنه تعالى كاد يخفيها من نفسه على سبيل المبالغة، قال محيي السنة: وأكثر المفسرين على أن معناها: أكاد أخفيها من نفسي، وكذلك هو في مصحف أبي بن كعب، عبدالله بن مسعود: أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهرها لكم؟ وهو على عادتهم إذا بالغوا في كتمان الشيء يقولون: كتمت سرك من نفسي، أي: أخفيته غاية الإخفاء.
روى صاحب "الانتصاف"، عن أبي علي: (أُخْفِيهَا): أزيل خفاءها وأُظهرها، تقول: أخفيته: أزلت خفاءه، مثل: أشكيته وأعتبته، ويؤيده القراءة بالفتح من: خفاه: إذا أظهره.
قوله: ("أخفيها" بالفتح)، قال ابن جني: أخفيت الشيء: كتمته وأظهرته جميعاً، وخفيته بلا ألف: أظهرته البتة، وقال أبو علي وابن جني: إذا كان "أخفيها" بالفتح و"أخفيها" بالضم بمعنى: أظهرها، فاللام في قوله: (لِتُجْزَى) متعلقةٌ بنفس (أُخفيها)، ولا يحسن الوقف دونها، وإذا كان بمعنى الإخفاء والستر فمتعلقةٌ بنفس "آتيةٍ" فالوجهُ أن يقف بعد أخفيها وقفةً قصيرةً.