قلت: هو مقترب عند الله والدليل عليه قوله عزّ وجلّ (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج: ٤٧] ولأنّ كلّ آت - وإن طالت أوقات استقباله وترقبه - قريب، إنما البعيد هو الذي وجد وانقرض، ولأنّ ما بقي في الدنيا أقصر وأقل مما سلف منها، بدليل انبعاث خاتم النبيين الموعود مبعثه في آخر الزمان. وقال عليه السلام «بعثت في نسم الساعة» وفي خطبة بعض المتقدّمين: "ولت الدنيا حذاء، ولم تبق إلا صبابة كصبابة الإناء". وإذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بُعثتُ في نسم الساعة)، قيل: بقيته: "إن كادت لتسبقني". النهاية: في الحديث: "بُعثتُ في نسم الساعة"، وهو جمع نسمة، أي: بُعثتُ في ذوي أرواح خلقهم الله قبل اقتراب الساعة، كأنه قال: آخر النشء من بني آدم، النسمةُ: النفس والروح.
الجوهري: "نسم الساعة": حين ابتدأت وأقبلت أوائلها، ونسمُ الريح: أولها حين تُقبل، ويؤيده ما جاء: "بُعثتُ في الساعة فسبقتها كما سبقت هذه لهذه" لإصبعيه: السبابة والوسطى، أخرجه الترمذي عن المستورد.
قوله: (وفي خطبة بعض المتقدمين ٩، قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": هو عتبة بن غزوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد المشاهد كلها، وهو الذي اختط البصرة. وخطبته بعد الحمد لله والثناء عليه: "أما بعدُ، فإن الدنيا قد آذنت بصُرْمٍ وولتْ حذاء، وإنما بقي منها صبابةٌ كصبابة الإناء، وأنتم منقلبون عنها إلى دارٍ لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما