عنده، ثم إلى أنه قول شاعر، وهكذا الباطل لجلج،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الباطل لجلج) هو من قولهم: الحق أبلج، والباطلُ لجلج. قال الميداني: يعني: أن الحق واضحٌ، يقالُ: صبحٌ أبلج، أي: مشرق، ومنه قوله:
حتى بدت أعناقُ صبح أبلجا
وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم: "أبلج الوجه" أي: مشرقه. "والباطلُ لجلج" أي: ملتبسٌ. قال المبردُ: قولٌ لجلج، أي: يترددُ فيه صاحبه ولا يصيب منه مخرجاً.
ومقصودُ المصنف من هذا الاستشهاد: بيانُ أن إضراب الكفرة عن قولهم: هو سحرٌ، إلى أنه تخاليطُ أحلام، إلى آخره، ليس على النسق السوي، بل هو خبط عشواء، وفعل المتحير من غير تمييز بين مضربٍ عنه ومُضربٍ عنه، يدل عليه قوله بعد ذلك: "ويجوز أن يكون تنزيلاً من الله لأقوالهم"، يعني: انه تعالى أتى بأقوالهم، ونزلها على سبيل التدرج والترقي ليؤذن بفاسدها وأفسدها، فظهر من هذا أن الإضراب فيا لوجه الأول واقعٌ في لام الكفرة، وانه تعالى حاك إضرابه الواقع في كلامهم. وفي الثاني الإضراب واقعٌ في كلام الله تعالى، وأنه تعالى حكى كلامهم. وفي الوجه الأول إشكالٌ؛ لأنه لو أريد ذلك لقيل: قالوا بل أضغاث أحلام. ويمن أن يقال: إن (قَالُوا) زيادةُ تأكيدٍ لما يتضمن قوله تعالى: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ) من القول، يؤيده قوله تعالى: (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ)، فإنه يدل على أنه صدر منهم قولٌ سراً لطول الكلام. وسبق مثله في "يونس" عند قوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ) إلى قوله: (قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ) [يونس: ٥٩] في وجهٍ.
وأما بيانُ الترقي في الوجه الثاني: فأن يقال: إن نسبتهم القرآن إلى السحر فاسدٌ؛ لأن


الصفحة التالية
Icon