(وَمَنْ نَشاءُ) هم المؤمنون ومن في بقائه مصلحة.
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء: ١٠].
(ذِكْرُكُمْ) شرفكم وصيتكم، كما قال (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف: ٤٤] أو موعظتكم. أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء أو حسن الذكر، كحسن الجوار، والوفاء بالعهد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والسخاء، وما أشبه ذلك.
(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَانا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَاسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((ذْكُرْكُمْ): شرفكم وصيتكم). الأساس: ذكرته ذكراً وذكرى، (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: ٥٥]، ومن المجاز: له ذكرٌ في الناس، أي: صيتٌ وشرف.
قوله: (أو موعظتكم)، قال الزجاج: فيه تذكرةٌ لكم فيما تلقونه من رحمة أو عذاب كما قال تعالى: (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) [عبس: ١١].
قوله: (تطلبون بها الثناء الحسن) أي: فيه ما يطلبون به الصيت والشرف، والفرق بين هذا، وبين الوجه الأول هو أن- على الأول - المراد بالكتاب كما هو موجبٌ لصيتكم؛ لأنه منزلٌ بلسانكم ولغتكم، فإذا اشتهر اشتهرتم. وعلى الثاني: إذا عملتم بما فيه حصل لكم مكارمُ الأخلاق فحسن بذلك صيتكم، فذكر "الذكر"، وأراد مكارم الأخلاق الموجبة للثناء الحسن، فيكون من باب إطلاق المسبب وإرادة السبب أو يكون كناية تلويحية، ويعني: فيه ذكر ما تطلبونه من مكارم الأخلاق فتحروا فيه، واجتهدوا على العمل بما فيه. فإذا عملتم به كنتم أصحاب الأخلاق، فحينئذ ينتشر بذلك صيتكم.


الصفحة التالية
Icon