ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعاد؛ إذ لا يليقُ بعظمتنا وجلالتنا أن نخلقهما باطلاً؛ فسبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب؛ إذ من شأننا محقُ الباطل ودمغُه، وإليه الإشارة بقوله: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ).
ثُم اعلمْ أن قوله: "أن الحكمةَ صارفةُ عنه، وإلا فانا قادرٌ على اتخاذه" كلامٌ مبنيٌّ على قاعدة مذهبه، وأما تقريره على مذهب أهل السنة والجماعة فهو أن يقال: له أنيخلق ما يشاء، وإن توهمه المعتزلي قبيحاً وحسناً، وأنه فاعلٌ مختارٌ له أن يختار خلق هذا دون ذلك. فقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ) إخبارٌ عما وُجِدَ، لا عما وجب، وقوله: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) إيذانٌ بأن له أن يختار خلق هذا دون ذلك، وقد تقرر في البلاغة أن مفعول الإرادة والمشيئة يجب أن لا يُذكر إلا إذا تعلقت به غرابة. ولا شك أن اتخاذ اللهو بالنسبة إلى الله تعالى غريب، كأنه قيل: إن العظمة والكبرياء اقتضيا التنزيه عن اتخاذ اللهو، كما أنهما استدعيا أن لا يُمنع من ذلك وإن خفي على بعض الخلق؛ لأنه فاعلٌ لما يشاء لا يسأل عما يفعلُ وهم يسألون، لكن من شأنه أن يقذف بالحق على الباطل فيدمغه، وأن يتصف بما فيه التعظيم والكبرياء وإن كان الكل منه، (وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) أي: تنسُبون إيه ما لا يليقُ بجلاله من اتخاذ اللهو واللعب حيثُ تطعنون في رسله، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قوله: (اللهو: الولدُ... ، وقيل: المرأة)، في "المطلع": اللهوُ: طلبُ الترويح عن النفس، ثم المرأة تُسمى لهواً وكذا الولد؛ لأن النفس تستروح بكل واحدٍ منهما، والمعنى: امرأة ذات لهو، أو ولدٌ ذو لهو.
الراغب: اللهوُ: ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه، يقال: لهوت بكذا ولهيتُ عن كذا: اشتغلت عنه بلهو. قال تعالى: (إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) [محمد: ٣٦]، ويعبرُ عن كل ما به استمتاعٌ باللهو، قال تعالى: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) [الأنبياء: ١٧]، ومن قال: أراد باللهو: